سيف الله تعالى ، وفارس الإسلام ، وليث المشاهد ، السيد الإمام الكبير ، قائد المجاهدين ، أبو سليمان القرشيّ المخزوميّ المكيّ ، وابن أخت أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث .
- هاجر مسلماً في صفر سنة ثمان ، ثم سار غازياً ، فشهد غزوة مؤتة ، واستشهد أمراء رسول الله صلى الله عليه وسلم الثلاثة : مولاه زيد ، وابن عمه جعفر بن أبي طالب ، وابن رواحة ، وبقي الجيش بلا أمير ، فتأمر عليهم في الحال خالد ، وأخذ الراية ، وحمل على العدو ، فكان النصر ، وسماه النبي صلى الله عليه وسلم سيف الله ، فقال : ( إن خالداً سيف سله الله على المشركين ) ، وشهد الفتح وحنيناً ، وتأمر في أيام النبي صلى الله عليه وسلم ، واحتبس أدراعه ولامته في سبيل الله ، وحارب أهل الردة ، ومسيلمة ، وغزا العراق ، واستظهر ، ثم اخترق البرية السماوية بحيث إنه قطع المفازة من حد العراق إلى أول الشام في خمس ليال في عسكر معه ، وشهد حروب الشام ، ولم يبق في جسده قيد شبر إلا وعليه طابع الشهداء .
- ومناقبه غزيرة ، أمّره الصديق على سائر أمراء الأجناد ، وحاصر دمشق فافتتحها هو وأبو عبيدة .
- عاش ستين سنة ، وقتل جماعة من الأبطال ، ومات على فراشه ، فلا قرت أعين الجبناء .
- توفي بحمص سنة إحدى وعشرين ، ومشهده على باب حمص عليه جلالة .
- عن أبي أ مامة بن سهل أن ابن عباس أخبره أن خالد بن الوليد أخبر أنه دخل على خالته ميمونة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد عندها ضباً محنوذاً قدمت به أختها حفيدة بنت الحارث من نجد ، فقدمته لرسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع يده ، فقال خالد : أحرام هو يا رسول الله ؟ قال : ( لا ولكنه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه ) .فاجتررته فأكلته ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر ولم ينه .
- عن أبي العالية : أن خالداً قال : يا رسول الله ، إن كائداً من الجن يكيدني ، قال : ( قل : أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ، ماذرأ في الأرض ، وما يخرج منها ، ومن شر ما يعرج في السماء وما ينزل منها ، ومن شر كل طارق إلا طارقاً يطرق بخير يارحمن ) ، ففعلت فأذهبه الله عني .
- وعن عمرو بن العاص قال : ما عدل بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبخالد أحداً في حربه منذ أسلمنا .
- وقال ابن عمر : بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالداً إلى بني جذيمة ، فقتل وأسر ، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه وقال : ( اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد ) .
- وعن عبد الحميد بن جعفر ، عن أبيه ، أن خالد بن الوليد فقد قلنسوة له يوم اليرموك ، فقال : اطلبوها ، فلم يجدوها ، ثم وجدت فإذا هي قلنسوة خلقة ، فقال خالد : اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلق رأسه ، فابتدر الناس شعره ، فسبقتهم إلى ناصيته ، فجعلتها في هذه القلنسوة ، فلم أشهد قتالاً وهي معي إلا رزقت النصر .
- وعن قيس ، سمعت خالداً يقول : رأيتني يوم مؤتة اندق في يدي تسعة أسياف ، فصبرت في يدي صفيحة يمانية .
- وعن ابن عيينة ، عن ابن أبي خالد ، مولى لآل خالد بن الوليد ، أن خالداً قال : ما من ليلة يهدى إليّ فيها عروس أنا لها محب أحبّ إليّ من ليلة شديدة البرد كثيرة الجليد في سرية أصبّح فيها العدو .
- قال قيس بن أبي حازم : سمعت خالداً يقول : منعني الجهاد كثيراً من القراءة ، ورأيته أتي بسمّ فقالوا : ما هذا ؟ قالوا : سمّ ، قال : بسم الله ، وشربه . قلت - أي الذهبي - : هذه والله الكرامة ، وهذه الشجاعة .
- قال ابن عون : ولي عمر ، فقال : لأنزعن خالداً حتى يعلم أن الله إنما ينصر دينه ، يعني بغير خالد .
- وعن زيد بن أسلم عن أبيه : عزل عمر خالداً ، فلم يعلمه أبو عبيدة حتى علم من الغير ، فقال : يرحمك الله ! ما دعاك إلى أن لا تعلمني ؟ قال : كرهت أن أروّعك .
- وعن أبي الزناد ، أن خالد بن الوليد لما احتضر بكى ، وقال : لقيت كذا وكذا زحفاً وما في جسدي شبر إلا وفيه ضربة بسيف ، أو رمية بسهم ، وها أنا أموت على فراشي حتف أنفي كما يموت البعير فلا نامت أعين الجبناء .